بحـث
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
ذكر أمره عَلَيْهِ السَّلَام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يصلى بالصحابة أَجْمَعِينَ،
صفحة 1 من اصل 1
ذكر أمره عَلَيْهِ السَّلَام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يصلى بالصحابة أَجْمَعِينَ،
مَعَ حضورهم كلهم، وَخُرُوجه عَلَيْهِ السَّلَام فَصَلَّى وَرَاءَهُ مُقْتَدِيًا بِهِ فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ وَإِمَامًا لَهُ وَلِمَنْ بَعْدَهُ من الصَّحَابَة قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيه، عَن عبد الله بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، قَالَ: لما اسْتعزَّ برَسُول الله وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دَعَا بِلَالٌ لِلصَّلَاةِ فَقَالَ: مُرُوا مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا عُمَرُ فِي النَّاسِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِبًا فَقُلْتُ: قُمْ يَا عُمَرُ فصل بِالنَّاسِ.
قَالَ: فَلَمَّا كَبَرَّ عُمَرُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ، وَكَانَ عُمَرُ رَجُلًا مجهرا فَقَالَ رَسُول الله: فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ؟ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ، يَأْبَى اللَّهُ
ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ.
قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَجَاءَ بَعْدَ مَا صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ: قَالَ لِي عُمَرُ: وَيْحَكَ مَاذَا صنعت يَابْنَ زَمْعَةَ! وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ حِينَ أَمَرْتَنِي إِلَّا أَن رَسُول الله أمرنى بِذَلِكَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا صَلَّيْتُ.
قَالَ: قُلْتُ: وَالله مَا أمرنى رَسُول الله، وَلَكِنْ حِينَ لَمْ أَرَ أَبَا بَكْرٍ رَأَيْتُكَ أَحَقَّ مَنْ حَضَرَ بِالصَّلَاةِ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، وَرَوَاهُ يُونُسابْن بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدثنَا ابْن أَبى فديك، حَدثنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ أَخْبَرَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: لَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ عُمَرَ.
قَالَ ابْنُ زَمْعَةَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَطْلَعَ رَأْسَهُ مِنْ حُجْرَتِهِ ثُمَّ قَالَ: لَا لَا، لَا يصلى للنَّاس إِلَّا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ.
يَقُولُ ذَلِكَ مُغْضِبًا.
* * * وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبى، حَدثنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ الْأَسْوَدُ: كُنَّا عِنْدَ عَائِشَة فَذَكرنَا الْمُوَاظبَة على الصَّلَاة والمواظبة لَهَا.
قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَذَّنَ بِلَالٌ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَن يصلى بِالنَّاسِ، وَأعَاد فعادوا لَهُ فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
فَخَرَجَ أَبُو بكر، فَوَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ
رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أنظر إِلَى رجلَيْهِ تخطان مِنَ الْوَجَعِ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَكَانَكَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ.
قِيلَ لِلْأَعْمَشِ: فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ بِرَأْسِهِ: نَعَمْ.
ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ شُعْبَةَ بَعْضَهُ.
وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ: جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا.وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ.
مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَن أَبى مُعَاوِيَة بِهِ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَنبأَنَا مَالك، عَن هِشَام ابْن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ فِي مَرضه: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَقَدْ عَاوَدْتُ رَسُولَ الله فِي ذَلِكَ وَمَا حَمَلَنِي عَلَى مُعَاوَدَتِهِ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ، وَإِلَّا أَنِّي عَلِمْتُ أَنَّهُ لَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ أَحَدٌ إِلَّا تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يعدل ذَلِك رَسُول الله عَنْ أَبِي بَكْرٍ إِلَى غَيْرِهِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتِي.
قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
قَالَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا بِي إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ مَنْ يَقُومُ فِي مَقَامِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَتْ: فَرَاجَعْتُهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
فَقَالَ: لِيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبى بردة، عَن أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ مَتى يقم مقامك لَا يَسْتَطِيع يصلىبِالنَّاسِ.
قَالَ: فَقَالَ: مروا أَبَا بكر يصل بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ.
قَالَ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ حَيَاةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، أَنبأَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: بلَى، ثقل بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي فِي الْمِخْضَبِ.
فَفَعَلْنَا.
قَالَتْ: فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ (1) فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ.
فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ، فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَتْ: وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا رَقِيقًا.
فَقَالَ: يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ.
فَقَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ.
فَصَلَّى بِهِمْ تِلْكَ الْأَيَّامَ.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ خِفَّةً فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ
لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ، وَأَمْرَهُمَا فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِهِ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَاعِدًا.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: أَلَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثَتْنِي
(1) ينوء: ينْهض.
(*)عَائِشَة عَن مرض رَسُول الله؟ قَالَ: هَاتِ.
فَحَدَّثْتُهُ فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: سَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ؟ قُلْتُ: لَا.
قَالَ: هُوَ عَلِيٌّ وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ جَمِيعًا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زَائِدَةَ بِهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ الله وَهُوَ قَائِمٌ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَفِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ وَعَلَّقَ أَبُو بَكْرٍ صَلَاتَهُ بِصَلَاتِهِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَسْوَدُ وَعُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَرْقَمُ بْنُ شُرَحْبِيلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
يَعْنِي بِذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَرْقَمِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ وَجَدَ خِفَّةً فَخَرَجَ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ أَرَادَ أَنْ يَنْكِصَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ وَاسْتَفْتَحَ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي انْتَهَى إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ثُمَّ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَرْقَمَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا.
وَقَالَ وَكِيعٌ مَرَّةً: فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْتَمُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بَكْرٍ.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَن وَكِيع، عَن إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِهِ.
وَقَدْ قَالَ الامام أَحْمد حَدثنَا شَبابَة بن سوار، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ،عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ قَاعِدًا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ.
[وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (1) ] وَقَالَ أَحْمد: حَدثنَا بَكْرُ بْنُ عِيسَى، سَمِعْتُ شُعْبَةَ بْنَ الْحَجَّاجِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّفِّ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنْبَأَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى خلف أَبَا بَكْرٍ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَيُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، ثُمَّ أَسْنَدَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ.
قَالَ هُشَيْمٌ: وَأَنْبَأَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ فِي بُرْدَةٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ،
حَدثنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: آخَرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْقَوْمِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُلْتَحِفًا بِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ.
قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيح وَلم يخرجوه.
(1) من: ت (*)
وَهَذَا التَّقْيِيدُ جَيِّدٌ بِأَنَّهَا آخَرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مَعَ النَّاسِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خلف أَبى بكر فِي ثوب وَاحِد مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَالَ: ادْعُ لِي أَسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ.
فَجَاءَ فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى نَحْرِهِ، فَكَانَتْ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ كَانَتْ صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ يَوْمَ الْوَفَاةِ لِأَنَّهَا آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا، لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَخَذَهُ مُسَلِّمًا مِنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَإِنَّهُ كَذَلِكَ ذَكَرَ وَكَذَا رَوَى أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ.
وَذَلِكَ ضَعِيفٌ، بَلْ هَذِهِ آخَرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مَعَ الْقَوْمِ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْيِيدُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَالْحَدِيثُ وَاحِدٌ، فَيُحْمَلُ مُطْلَقُهُ عَلَى مُقَيَّدِهِ.
ثُمَّ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ يَوْمِ الْوَفَاةِ، لِأَنَّ تِلْكَ لَمْ يُصَلِّهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ بَلْ فِي بَيْتِهِ لِمَا بِهِ مِنَ الضَّعْفِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَكَانَ تَبِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَدَمَهُ وَصَحِبَهُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، حَتَّى
إِذَا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتْرَ الْحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ (1) [ثمَّ (2) ] تَبَسم يضْحك، فهممنا أَن نفتتن من الْفرج بِرُؤْيَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ونكص أَبُو بكر على عَقِبَيْهِ ليصل الصَّفّ.
(1) عبارَة عَن حسن الْبشرَة وصفاء الْوَجْه واستنارته.
(2) من صَحِيح البُخَارِيّ.
(*)
وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجٌ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَشَارَ إِلَيْنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ وَأَرْخَى السِّتْرَ وَتوفى مِنْ يَوْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وصبيح بْنِ كَيْسَانَ وَمَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ.
ثمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمْ يَخْرُجِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَقَدَّمُ فَقَالَ نبى الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (1) بِالْحِجَابِ.
فَرَفَعَهُ، فَلَمَّا وَضَحَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا نَظَرْنَا مَنْظَرًا كَانَ أَعْجَبَ إِلَيْنَا مِنْ وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وَضَحَ لَنَا فَأَوْمَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَأَرْخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجَابَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ بِهِ.
فَهَذَا أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى أَنه عَلَيْهِ السَّلَام لَمْ يُصَلِّ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ النَّاسِ، وَأَنَّهُ كَانَ قَدِ انْقَطَعَ عَنْهُمْ لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ ثَلَاثًا.
قُلْنَا: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مَعَهُمُ الظَّهْرَ، كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لَا يَوْمَ السَّبْتِ وَلَا يَوْمَ الْأَحَدِ، كَمَا حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مَغَازِي مُوسَى بن عقبَة، وَهُوَ ضَعِيف، وَلما قَدَّمْنَا مِنْ خُطْبَتِهِ بَعْدَهَا وَلِأَنَّهُ انْقَطَعَ عَنْهُمْ
يَوْمَ الْجُمُعَةَ، وَالسَّبْتِ، وَالْأَحَدِ، وَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كوامل.
وَقَالَ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِهِمْ سَبْعَ عَشْرَةَ صَلَاةً.
وَقَالَ غَيْرُهُ: عِشْرِينَ صَلَاةً.
فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ بَدَا لَهُمْ وَجْهُهُ الْكَرِيمُ صَبِيحَةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَوَدَّعَهُمْ بِنَظْرَةٍ كَادُوا يَفْتَتِنُونَ بِهَا، ثُمَّ كَانَ ذَلِكَ آخِرَ عَهْدِ جُمْهُورِهِمْ بِهِ وَلِسَانُ حَالِهِمْ يَقُول كَمَا قَالَ بَعضهم:
(1) الاصل: فَقَالَ نبى الله عَلَيْكُم بالحجاب.
وَمَا أثْبته عَن البُخَارِيّ، وَأَرَادَ من قَالَ معنى فعل.
(*)
وَكُنْتُ أَرَى كَالْمَوْتِ مِنْ بَيْنِ سَاعَةٍ * فَكَيفَ بِبَيْنٍ كَانَ مَوْعِدَهُ الْحَشْرُ! وَالْعَجَبُ أَنَّ الْحَافِظَ الْبَيْهَقِيَّ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ.
ثمَّ قَالَ مَا حَاصله: فَلَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام احْتَجَبَ عَنْهُمْ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ ثُمَّ خَرَجَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَصَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، كَمَا قَالَه عُرْوَة ومُوسَى بن عقبَة، وخفى ذَلِك عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَوْ أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْضَ الْخَبَرِ وَسَكَتَ عَنْ آخِرِهِ.
وَهَذَا الَّذِي [ذَكَرَهُ] أَيْضًا بَعِيدٌ جِدًّا، لِأَنَّ أَنَسًا قَالَ: فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ.
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ.
وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِ التَّابِعِيِّ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * * وَالْمَقْصُودُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ إِمَامًا لِلصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْعَمَلِيَّةِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ: وَتَقْدِيمُهُ لَهُ أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
قَالَ: وَتَقْدِيمُهُ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَعْلَمُ الصَّحَابَةِ وَأَقْرَؤُهُمْ، لِمَا ثَبَتَ فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفِقِ عَلَى صِحَّتِهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ
اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَكْبُرُهُمْ سِنًّا، فَإِنْ كَانُوا فِي السِّنِّ سَوَاء فأقدمهم مُسلما.
قُلْتُ: وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ بِمَاءِ الذَّهَبِ.
ثُمَّ قَدِ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ كُلُّهَا فِي الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ.
وَصَلَاةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، كَمَا قَدَّمْنَا بِذَلِكَ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةَ، لَا يُنَافِي مَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ائتم بِهِ عَلَيْهِ السَّلَام، لَانذَلِكَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ عزوجل.
فَائِدَةٌ: اسْتَدَلَّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَمِنْهُم البُخَارِيّ بِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَام قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ مُقْتَدِيًا بِهِ قَائِمًا وَالنَّاسُ بأبى بكر على نسخ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ حِينَ صَلَّى بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ قَاعِدًا، وَقَدْ وَقَعَ عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ (1) شِقُّهُ فَصَلَّوْا وَرَاءَهُ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: " كَذَلِكَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ تَفْعَلُونَ كَفِعْلِ فَارِسَ وَالرُّومِ، يَقُومُونَ عَلَى عُظَمَائِهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ ".
" وَقَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ ".
قَالُوا: ثمَّ إِنَّه عَلَيْهِ السَّلَام أَمَّهُمْ قَاعِدًا وَهُمْ قِيَامٌ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ.
فَدَلَّ عَلَى نَسْخِ مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ تَنَوَّعَتْ مَسَالِكُ النَّاسِ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ، عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مَوْضِعُ ذِكْرِهَا كِتَابِ الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
وَمُلَخَّصُ ذَلِكَ: أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الصَّحَابَةَ جَلَسُوا لِأَمْرِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِنَّمَا اسْتَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ قَائِمًا لِأَجْلِ التَّبْلِيغِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: بَلْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ الْإِمَامُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لِشِدَّةِ أَدَبِهِ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُبَادِرُهُ بَلْ يَقْتَدِي بِهِ، فَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام صَارَ إِمَامَ الْإِمَامِ، فَلِهَذَا لَمْ يَجْلِسُوا لِاقْتِدَائِهِمْ بِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ، وَلَمْ يَجْلِسِ الصِّدِّيقُ لِأَجْلِ أَنَّهُ إِمَامٌ وَلِأَنَّهُ يُبَلِّغُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ وَالِانْتِقَالَاتِ.
وَالله أعلم.
(1) جحش: أُصِيب (*)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي حَالِ الْقِيَامِ فَيَسْتَمِرَّ فِيهَا قَائِمًا وَإِنْ طَرَأَ جُلُوسُ الْإِمَامِ فِي أَثْنَائِهَا، كَمَا فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَبَيْنَ أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ خَلْفَ إِمَامٍ جَالِسٍ فَيَجِبُ الْجُلُوسُ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: هَذَا الصَّنِيعُ وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ، وَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَائِغٌ جَائِزٌ: الْجُلُوسُ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَالْقِيَامُ لِلْفِعْلِ الْمُتَأَخِّرِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.فصل فِي كَيْفيَّة احتضاره ووفاته عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: دخلت عل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ فَمَسَسْتُهُ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا.
قَالَ أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ الرَّجُلَانِ مِنْكُمْ.
قُلْتُ: إِنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ.
قَالَ: " نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سواهُ إِلَّا حط الله عَنهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا ".
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ بِهِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبى إِسْرَائِيل، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، (1) وضع يَدَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُطِيقُ أَنْ أَضَعَ يَدِي عَلَيْكَ مِنْ شِدَّةِ حُمَّاكَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ يُضَاعَفُ لَنَا الْبَلَاءُ كَمَا يُضَاعَفُ لَنَا الْأَجْرُ، إِنْ كَانَ النَّبِيُّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لَيُبْتَلَى بِالْقُمَّلِ حَتَّى يَقْتُلَهُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُبْتَلَى بِالْعُرْيِ حَتَّى يَأْخُذَ الْعَبَاءَةَ فَيُجَوِّبُهَا (2) ، وَإِنْ كَانُوا لَيَفْرَحُونِ بِالْبَلَاءِ كَمَا يفرحون بِالرَّخَاءِ ".
فِيهِ رَجُلٌ مُبْهَمٌ لَا يُعْرَفُ بِالْكُلِّيَّةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، زَادَ مُسلم:
(1) كَذَا، ولعلها: أَنه.
(2) يجوبها: أَي يَجْعَل لَهَا جبا فيلبسها.
(*)
وَجَرِيرٍ.
ثَلَاثَتُهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ الْوَجَعَ عَلَى أَحَدِ أَشَدَّ مِنْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وذاقنتى، فَلَا أكره شدَّة الْمَوْت لَاحَدَّ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي الحَدِيث الآخر الذى رَوَاهُ [البُخَارِيّ] فِي صَحِيحه قَالَ: قَالَ رَسُول الله: " أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلَابَةٌ شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي الْبَلَاءِ ".
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ:
لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَبَطْتُ وَهَبَطَ النَّاسُ مَعِي إِلَى الْمَدِينَة، فَدخلت على رَسُول الله وَقَدْ أَصْمَتَ فَلَا يَتَكَلَّمُ، فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء ثمَّ يُصِيبهَا (1) عَلَيَّ أَعْرِفُ أَنَّهُ يَدْعُو لِي.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
* * * وَقَالَ الامام مَالك فِي موطأه عَن إِسْمَاعِيل عَن أَبِي حَكِيمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: كَانَ مِنْ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: " قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ ".
هَكَذَا رَوَاهُ مُرْسَلًا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحمَه الله.
(1) ت: على وَجهه.
وَهُوَ تَحْرِيف.
والْحَدِيث فِي مُسْند أَحْمد 5 / 201 (*)
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَا: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً (1) لَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَاذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ.
فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: " لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ " يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا.
وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ الاديب، أَنبأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّار، حَدثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ.
وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ ابْن نَافِعٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ
حسن الظَّنَّ بِاللَّهِ تَعَالَى ".
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي خَيْرًا ".
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا الْحَاكِمُ، حَدثنَا الْأَصَمِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَضَره الْوَفَاة: " الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " حَتَّى جَعَلَ يُغَرْغِرُ بهَا وَمَا يفصح بهَا لِسَانه.
وَقد رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، عَن جرير بن عبد الحميد بِهِ، وَابْن مَاجَه عَن أَبى الاشعث، عَن مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه بِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا التيمى، عَن قَتَادَة، عَن أنس ابْن مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ:
(1) الخميصة: كسَاء أسود مربع لَهُ علمَان.
(*)الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.
حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَرْغِرُ بِهَا صَدْرُهُ وَمَا يَكَادُ يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ.
وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ طَرْخَانَ، وَهُوَ التَّيْمِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ بِهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَاحِبٍ لَهُ، عَنْ أَنَسٍ بِهِ.
وَقَالَ أَحْمد: حَدثنَا بكر بن عِيسَى الراسبى، حَدثنَا عُمَرُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ آتِيَهُ بِطَبَقٍ يَكْتُبُ فِيهِ مَا لَا تَضِلُّ أُمَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
قَالَ: فَخَشِيتُ أَنْ تَفُوتَنِي نَفْسُهُ.
قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي أَحْفَظُ وَأَعِي.
قَالَ: أُوصِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بن سُفْيَان: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الفضيل (1) ، حَدثنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَفِينَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ حَتَّى جَعَلَ يُلَجْلِجُهَا فِي صَدْرِهِ وَمَا يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَفِينَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِهِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ عَفَّانُ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ سَفِينَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِهِ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ سَفِينَةَ عَنْ أم سَلمَة بِهِ.
(1) غير ا: الْفضل (*)
قَالَ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا عُمَرُ فِي النَّاسِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِبًا فَقُلْتُ: قُمْ يَا عُمَرُ فصل بِالنَّاسِ.
قَالَ: فَلَمَّا كَبَرَّ عُمَرُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ، وَكَانَ عُمَرُ رَجُلًا مجهرا فَقَالَ رَسُول الله: فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ؟ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ، يَأْبَى اللَّهُ
ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ.
قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَجَاءَ بَعْدَ مَا صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ: قَالَ لِي عُمَرُ: وَيْحَكَ مَاذَا صنعت يَابْنَ زَمْعَةَ! وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ حِينَ أَمَرْتَنِي إِلَّا أَن رَسُول الله أمرنى بِذَلِكَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا صَلَّيْتُ.
قَالَ: قُلْتُ: وَالله مَا أمرنى رَسُول الله، وَلَكِنْ حِينَ لَمْ أَرَ أَبَا بَكْرٍ رَأَيْتُكَ أَحَقَّ مَنْ حَضَرَ بِالصَّلَاةِ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، وَرَوَاهُ يُونُسابْن بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدثنَا ابْن أَبى فديك، حَدثنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ أَخْبَرَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: لَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ عُمَرَ.
قَالَ ابْنُ زَمْعَةَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَطْلَعَ رَأْسَهُ مِنْ حُجْرَتِهِ ثُمَّ قَالَ: لَا لَا، لَا يصلى للنَّاس إِلَّا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ.
يَقُولُ ذَلِكَ مُغْضِبًا.
* * * وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبى، حَدثنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ الْأَسْوَدُ: كُنَّا عِنْدَ عَائِشَة فَذَكرنَا الْمُوَاظبَة على الصَّلَاة والمواظبة لَهَا.
قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَذَّنَ بِلَالٌ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَن يصلى بِالنَّاسِ، وَأعَاد فعادوا لَهُ فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
فَخَرَجَ أَبُو بكر، فَوَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ
رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أنظر إِلَى رجلَيْهِ تخطان مِنَ الْوَجَعِ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَكَانَكَ.
ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ.
قِيلَ لِلْأَعْمَشِ: فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ بِرَأْسِهِ: نَعَمْ.
ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ شُعْبَةَ بَعْضَهُ.
وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ: جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا.وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ.
مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَن أَبى مُعَاوِيَة بِهِ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَنبأَنَا مَالك، عَن هِشَام ابْن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ فِي مَرضه: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَقَدْ عَاوَدْتُ رَسُولَ الله فِي ذَلِكَ وَمَا حَمَلَنِي عَلَى مُعَاوَدَتِهِ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ، وَإِلَّا أَنِّي عَلِمْتُ أَنَّهُ لَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ أَحَدٌ إِلَّا تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يعدل ذَلِك رَسُول الله عَنْ أَبِي بَكْرٍ إِلَى غَيْرِهِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتِي.
قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
قَالَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا بِي إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ مَنْ يَقُومُ فِي مَقَامِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَتْ: فَرَاجَعْتُهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
فَقَالَ: لِيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبى بردة، عَن أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ مَتى يقم مقامك لَا يَسْتَطِيع يصلىبِالنَّاسِ.
قَالَ: فَقَالَ: مروا أَبَا بكر يصل بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ.
قَالَ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ حَيَاةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، أَنبأَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: بلَى، ثقل بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي فِي الْمِخْضَبِ.
فَفَعَلْنَا.
قَالَتْ: فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ (1) فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ.
فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ، فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَتْ: وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا رَقِيقًا.
فَقَالَ: يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ.
فَقَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ.
فَصَلَّى بِهِمْ تِلْكَ الْأَيَّامَ.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ خِفَّةً فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ
لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ، وَأَمْرَهُمَا فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِهِ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَاعِدًا.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: أَلَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثَتْنِي
(1) ينوء: ينْهض.
(*)عَائِشَة عَن مرض رَسُول الله؟ قَالَ: هَاتِ.
فَحَدَّثْتُهُ فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: سَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ؟ قُلْتُ: لَا.
قَالَ: هُوَ عَلِيٌّ وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ جَمِيعًا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زَائِدَةَ بِهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ الله وَهُوَ قَائِمٌ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَفِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ وَعَلَّقَ أَبُو بَكْرٍ صَلَاتَهُ بِصَلَاتِهِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَسْوَدُ وَعُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَرْقَمُ بْنُ شُرَحْبِيلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
يَعْنِي بِذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَرْقَمِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ وَجَدَ خِفَّةً فَخَرَجَ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ أَرَادَ أَنْ يَنْكِصَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ وَاسْتَفْتَحَ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي انْتَهَى إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ثُمَّ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَرْقَمَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا.
وَقَالَ وَكِيعٌ مَرَّةً: فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْتَمُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بَكْرٍ.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَن وَكِيع، عَن إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِهِ.
وَقَدْ قَالَ الامام أَحْمد حَدثنَا شَبابَة بن سوار، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ،عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ قَاعِدًا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ.
[وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (1) ] وَقَالَ أَحْمد: حَدثنَا بَكْرُ بْنُ عِيسَى، سَمِعْتُ شُعْبَةَ بْنَ الْحَجَّاجِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّفِّ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنْبَأَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى خلف أَبَا بَكْرٍ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَيُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، ثُمَّ أَسْنَدَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ.
قَالَ هُشَيْمٌ: وَأَنْبَأَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ فِي بُرْدَةٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ،
حَدثنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: آخَرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْقَوْمِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُلْتَحِفًا بِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ.
قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيح وَلم يخرجوه.
(1) من: ت (*)
وَهَذَا التَّقْيِيدُ جَيِّدٌ بِأَنَّهَا آخَرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مَعَ النَّاسِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خلف أَبى بكر فِي ثوب وَاحِد مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَالَ: ادْعُ لِي أَسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ.
فَجَاءَ فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى نَحْرِهِ، فَكَانَتْ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ كَانَتْ صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ يَوْمَ الْوَفَاةِ لِأَنَّهَا آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا، لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَخَذَهُ مُسَلِّمًا مِنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَإِنَّهُ كَذَلِكَ ذَكَرَ وَكَذَا رَوَى أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ.
وَذَلِكَ ضَعِيفٌ، بَلْ هَذِهِ آخَرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مَعَ الْقَوْمِ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْيِيدُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَالْحَدِيثُ وَاحِدٌ، فَيُحْمَلُ مُطْلَقُهُ عَلَى مُقَيَّدِهِ.
ثُمَّ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ يَوْمِ الْوَفَاةِ، لِأَنَّ تِلْكَ لَمْ يُصَلِّهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ بَلْ فِي بَيْتِهِ لِمَا بِهِ مِنَ الضَّعْفِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَكَانَ تَبِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَدَمَهُ وَصَحِبَهُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، حَتَّى
إِذَا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتْرَ الْحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ (1) [ثمَّ (2) ] تَبَسم يضْحك، فهممنا أَن نفتتن من الْفرج بِرُؤْيَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ونكص أَبُو بكر على عَقِبَيْهِ ليصل الصَّفّ.
(1) عبارَة عَن حسن الْبشرَة وصفاء الْوَجْه واستنارته.
(2) من صَحِيح البُخَارِيّ.
(*)
وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجٌ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَشَارَ إِلَيْنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ وَأَرْخَى السِّتْرَ وَتوفى مِنْ يَوْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وصبيح بْنِ كَيْسَانَ وَمَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ.
ثمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمْ يَخْرُجِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَقَدَّمُ فَقَالَ نبى الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (1) بِالْحِجَابِ.
فَرَفَعَهُ، فَلَمَّا وَضَحَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا نَظَرْنَا مَنْظَرًا كَانَ أَعْجَبَ إِلَيْنَا مِنْ وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وَضَحَ لَنَا فَأَوْمَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَأَرْخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجَابَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ بِهِ.
فَهَذَا أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى أَنه عَلَيْهِ السَّلَام لَمْ يُصَلِّ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ النَّاسِ، وَأَنَّهُ كَانَ قَدِ انْقَطَعَ عَنْهُمْ لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ ثَلَاثًا.
قُلْنَا: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مَعَهُمُ الظَّهْرَ، كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لَا يَوْمَ السَّبْتِ وَلَا يَوْمَ الْأَحَدِ، كَمَا حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مَغَازِي مُوسَى بن عقبَة، وَهُوَ ضَعِيف، وَلما قَدَّمْنَا مِنْ خُطْبَتِهِ بَعْدَهَا وَلِأَنَّهُ انْقَطَعَ عَنْهُمْ
يَوْمَ الْجُمُعَةَ، وَالسَّبْتِ، وَالْأَحَدِ، وَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كوامل.
وَقَالَ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِهِمْ سَبْعَ عَشْرَةَ صَلَاةً.
وَقَالَ غَيْرُهُ: عِشْرِينَ صَلَاةً.
فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ بَدَا لَهُمْ وَجْهُهُ الْكَرِيمُ صَبِيحَةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَوَدَّعَهُمْ بِنَظْرَةٍ كَادُوا يَفْتَتِنُونَ بِهَا، ثُمَّ كَانَ ذَلِكَ آخِرَ عَهْدِ جُمْهُورِهِمْ بِهِ وَلِسَانُ حَالِهِمْ يَقُول كَمَا قَالَ بَعضهم:
(1) الاصل: فَقَالَ نبى الله عَلَيْكُم بالحجاب.
وَمَا أثْبته عَن البُخَارِيّ، وَأَرَادَ من قَالَ معنى فعل.
(*)
وَكُنْتُ أَرَى كَالْمَوْتِ مِنْ بَيْنِ سَاعَةٍ * فَكَيفَ بِبَيْنٍ كَانَ مَوْعِدَهُ الْحَشْرُ! وَالْعَجَبُ أَنَّ الْحَافِظَ الْبَيْهَقِيَّ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ.
ثمَّ قَالَ مَا حَاصله: فَلَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام احْتَجَبَ عَنْهُمْ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ ثُمَّ خَرَجَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَصَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، كَمَا قَالَه عُرْوَة ومُوسَى بن عقبَة، وخفى ذَلِك عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَوْ أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْضَ الْخَبَرِ وَسَكَتَ عَنْ آخِرِهِ.
وَهَذَا الَّذِي [ذَكَرَهُ] أَيْضًا بَعِيدٌ جِدًّا، لِأَنَّ أَنَسًا قَالَ: فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ.
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ.
وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِ التَّابِعِيِّ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * * وَالْمَقْصُودُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ إِمَامًا لِلصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْعَمَلِيَّةِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ: وَتَقْدِيمُهُ لَهُ أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
قَالَ: وَتَقْدِيمُهُ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَعْلَمُ الصَّحَابَةِ وَأَقْرَؤُهُمْ، لِمَا ثَبَتَ فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفِقِ عَلَى صِحَّتِهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ
اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَكْبُرُهُمْ سِنًّا، فَإِنْ كَانُوا فِي السِّنِّ سَوَاء فأقدمهم مُسلما.
قُلْتُ: وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ بِمَاءِ الذَّهَبِ.
ثُمَّ قَدِ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ كُلُّهَا فِي الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ.
وَصَلَاةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، كَمَا قَدَّمْنَا بِذَلِكَ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةَ، لَا يُنَافِي مَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ائتم بِهِ عَلَيْهِ السَّلَام، لَانذَلِكَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ عزوجل.
فَائِدَةٌ: اسْتَدَلَّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَمِنْهُم البُخَارِيّ بِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَام قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ مُقْتَدِيًا بِهِ قَائِمًا وَالنَّاسُ بأبى بكر على نسخ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ حِينَ صَلَّى بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ قَاعِدًا، وَقَدْ وَقَعَ عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ (1) شِقُّهُ فَصَلَّوْا وَرَاءَهُ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: " كَذَلِكَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ تَفْعَلُونَ كَفِعْلِ فَارِسَ وَالرُّومِ، يَقُومُونَ عَلَى عُظَمَائِهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ ".
" وَقَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ ".
قَالُوا: ثمَّ إِنَّه عَلَيْهِ السَّلَام أَمَّهُمْ قَاعِدًا وَهُمْ قِيَامٌ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ.
فَدَلَّ عَلَى نَسْخِ مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ تَنَوَّعَتْ مَسَالِكُ النَّاسِ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ، عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مَوْضِعُ ذِكْرِهَا كِتَابِ الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
وَمُلَخَّصُ ذَلِكَ: أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الصَّحَابَةَ جَلَسُوا لِأَمْرِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِنَّمَا اسْتَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ قَائِمًا لِأَجْلِ التَّبْلِيغِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: بَلْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ الْإِمَامُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لِشِدَّةِ أَدَبِهِ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُبَادِرُهُ بَلْ يَقْتَدِي بِهِ، فَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام صَارَ إِمَامَ الْإِمَامِ، فَلِهَذَا لَمْ يَجْلِسُوا لِاقْتِدَائِهِمْ بِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ، وَلَمْ يَجْلِسِ الصِّدِّيقُ لِأَجْلِ أَنَّهُ إِمَامٌ وَلِأَنَّهُ يُبَلِّغُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ وَالِانْتِقَالَاتِ.
وَالله أعلم.
(1) جحش: أُصِيب (*)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي حَالِ الْقِيَامِ فَيَسْتَمِرَّ فِيهَا قَائِمًا وَإِنْ طَرَأَ جُلُوسُ الْإِمَامِ فِي أَثْنَائِهَا، كَمَا فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَبَيْنَ أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ خَلْفَ إِمَامٍ جَالِسٍ فَيَجِبُ الْجُلُوسُ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: هَذَا الصَّنِيعُ وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ، وَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَائِغٌ جَائِزٌ: الْجُلُوسُ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَالْقِيَامُ لِلْفِعْلِ الْمُتَأَخِّرِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.فصل فِي كَيْفيَّة احتضاره ووفاته عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: دخلت عل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ فَمَسَسْتُهُ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا.
قَالَ أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ الرَّجُلَانِ مِنْكُمْ.
قُلْتُ: إِنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ.
قَالَ: " نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سواهُ إِلَّا حط الله عَنهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا ".
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ بِهِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبى إِسْرَائِيل، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، (1) وضع يَدَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُطِيقُ أَنْ أَضَعَ يَدِي عَلَيْكَ مِنْ شِدَّةِ حُمَّاكَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ يُضَاعَفُ لَنَا الْبَلَاءُ كَمَا يُضَاعَفُ لَنَا الْأَجْرُ، إِنْ كَانَ النَّبِيُّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لَيُبْتَلَى بِالْقُمَّلِ حَتَّى يَقْتُلَهُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُبْتَلَى بِالْعُرْيِ حَتَّى يَأْخُذَ الْعَبَاءَةَ فَيُجَوِّبُهَا (2) ، وَإِنْ كَانُوا لَيَفْرَحُونِ بِالْبَلَاءِ كَمَا يفرحون بِالرَّخَاءِ ".
فِيهِ رَجُلٌ مُبْهَمٌ لَا يُعْرَفُ بِالْكُلِّيَّةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، زَادَ مُسلم:
(1) كَذَا، ولعلها: أَنه.
(2) يجوبها: أَي يَجْعَل لَهَا جبا فيلبسها.
(*)
وَجَرِيرٍ.
ثَلَاثَتُهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ الْوَجَعَ عَلَى أَحَدِ أَشَدَّ مِنْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وذاقنتى، فَلَا أكره شدَّة الْمَوْت لَاحَدَّ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي الحَدِيث الآخر الذى رَوَاهُ [البُخَارِيّ] فِي صَحِيحه قَالَ: قَالَ رَسُول الله: " أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلَابَةٌ شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي الْبَلَاءِ ".
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ:
لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَبَطْتُ وَهَبَطَ النَّاسُ مَعِي إِلَى الْمَدِينَة، فَدخلت على رَسُول الله وَقَدْ أَصْمَتَ فَلَا يَتَكَلَّمُ، فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء ثمَّ يُصِيبهَا (1) عَلَيَّ أَعْرِفُ أَنَّهُ يَدْعُو لِي.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
* * * وَقَالَ الامام مَالك فِي موطأه عَن إِسْمَاعِيل عَن أَبِي حَكِيمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: كَانَ مِنْ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: " قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ ".
هَكَذَا رَوَاهُ مُرْسَلًا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحمَه الله.
(1) ت: على وَجهه.
وَهُوَ تَحْرِيف.
والْحَدِيث فِي مُسْند أَحْمد 5 / 201 (*)
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَا: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً (1) لَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَاذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ.
فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: " لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ " يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا.
وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ الاديب، أَنبأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّار، حَدثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ.
وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ ابْن نَافِعٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ
حسن الظَّنَّ بِاللَّهِ تَعَالَى ".
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي خَيْرًا ".
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا الْحَاكِمُ، حَدثنَا الْأَصَمِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَضَره الْوَفَاة: " الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " حَتَّى جَعَلَ يُغَرْغِرُ بهَا وَمَا يفصح بهَا لِسَانه.
وَقد رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، عَن جرير بن عبد الحميد بِهِ، وَابْن مَاجَه عَن أَبى الاشعث، عَن مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه بِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا التيمى، عَن قَتَادَة، عَن أنس ابْن مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ:
(1) الخميصة: كسَاء أسود مربع لَهُ علمَان.
(*)الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.
حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَرْغِرُ بِهَا صَدْرُهُ وَمَا يَكَادُ يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ.
وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ طَرْخَانَ، وَهُوَ التَّيْمِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ بِهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَاحِبٍ لَهُ، عَنْ أَنَسٍ بِهِ.
وَقَالَ أَحْمد: حَدثنَا بكر بن عِيسَى الراسبى، حَدثنَا عُمَرُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ آتِيَهُ بِطَبَقٍ يَكْتُبُ فِيهِ مَا لَا تَضِلُّ أُمَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
قَالَ: فَخَشِيتُ أَنْ تَفُوتَنِي نَفْسُهُ.
قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي أَحْفَظُ وَأَعِي.
قَالَ: أُوصِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بن سُفْيَان: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الفضيل (1) ، حَدثنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَفِينَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ حَتَّى جَعَلَ يُلَجْلِجُهَا فِي صَدْرِهِ وَمَا يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَفِينَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِهِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ عَفَّانُ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ سَفِينَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِهِ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ سَفِينَةَ عَنْ أم سَلمَة بِهِ.
(1) غير ا: الْفضل (*)
مواضيع مماثلة
» تابع ذكر أمره عَلَيْهِ السَّلَام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يصلى بالصحابة أَجْمَعِينَ،
» بُاب ذِكْرِ زَوْجَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ورضى عَنْهُن وَأَوْلَاده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
» تابع بَابُ ذِكْرِ زَوْجَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ورضى عَنْهُن وَأَوْلَاده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
» ذكر سَيْفه عَلَيْهِ السَّلَام
» ذِكْرُ تلبيته عَلَيْهِ السَّلَام بِالْمُزْدَلِفَةِ
» بُاب ذِكْرِ زَوْجَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ورضى عَنْهُن وَأَوْلَاده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
» تابع بَابُ ذِكْرِ زَوْجَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ورضى عَنْهُن وَأَوْلَاده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
» ذكر سَيْفه عَلَيْهِ السَّلَام
» ذِكْرُ تلبيته عَلَيْهِ السَّلَام بِالْمُزْدَلِفَةِ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يونيو 27, 2013 8:37 pm من طرف ابو بلال
» غذاء الملكات
الخميس يونيو 27, 2013 8:34 pm من طرف ابو بلال
» أمراض يعالجها العسل
الخميس يونيو 27, 2013 8:28 pm من طرف ابو بلال
» فوائد عسل النحل
الخميس يونيو 27, 2013 8:27 pm من طرف ابو بلال
» تركيب العسل
الخميس يونيو 27, 2013 8:25 pm من طرف ابو بلال
» مواصفات العسل الطبيعي :
السبت أبريل 27, 2013 8:00 pm من طرف ابو بلال
» العشرة المبشرون بالجنة
السبت أبريل 27, 2013 7:38 pm من طرف ابو بلال
» حقوق المرأة في الإسلام
الثلاثاء أبريل 23, 2013 8:21 am من طرف lolita lola
» حتى الكدب يرفضه النمل سبحان من خلق وسوى وابدع
الأحد أبريل 21, 2013 9:41 am من طرف lolita lola