بحـث
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
ذكر طوافه عليه السلام بين الصفا والمروة
صفحة 1 من اصل 1
ذكر طوافه عليه السلام بين الصفا والمروة
رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ، فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ، بَعْدَ ذكره طَوَافه عَلَيْهِ السَّلَام بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَاتَهُ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله " أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ.
فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شئ قدير.
لَا إِلَه إِلَّا الله أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ.
ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
ثُمَّ نَزَلَ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قدماه فِي الْوَادي رمل، حَتَّى إِذا صعد مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَرَقِيَ عَلَيْهَا حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ فَقَالَ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ على الصَّفَا.
وَقَالَ الامام أَحْمد: حَدثنَا عمر بن هَارُون البلخى، أَبُو حَفْص، حَدثنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ بَعْضِ بَنِي يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مُضْطَبِعًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بِبرد لَهُ نجرانى.
وَقَالَ الامام أَحْمد: حَدثنَا يُونُس، حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا عَطِيَّة، عَن حَبِيبَة بنت أَبى نجراة (1) قَالَت: دخلت دَار حُصَيْن فِي نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ: وَهُوَ يَسْعَى يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ وَهُوَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ.
" اسْعَوْا إِنَّ اللَّهَ كتب عَلَيْكُم السَّعْي ".
(1) الاصل غير منقوطة.
وَمَا أثْبته عَن هَامِش المشتبه للذهبي 1 / 112 (*)وَقَالَ أَحْمد أَيْضا: حَدثنَا شُرَيْح، حَدثنَا عبد الله بن المؤمل، حَدثنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تِجْرَاةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالنَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ وَرَاءَهُمْ، وَهُوَ يَسْعَى حَتَّى أَرَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ وَهُوَ يَقُولُ: " اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ.
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، أَنَّ امْرَأَةً أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَقُولُ: " كُتِبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيُ فَاسْعَوْا ".
وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ هِيَ حَبِيبَةُ بِنْتُ أَبِي تِجْرَاةَ الْمُصَرَّحُ بِذِكْرِهَا فِي الْإِسْنَادَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ.
وَعَنْ أُمِّ وَلَدِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، أَنَّهَا أَبْصَرَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ يَقُولُ: " لَا يُقْطَعُ الْأَبْطَحُ إِلَّا شَدًّا ".
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هَاهُنَا هُوَ الذَّهَابُ مِنَ الصَّفَا إِلَى الْمَرْوَةِ وَمِنْهَا إِلَيْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هَاهُنَا الْهَرْوَلَةَ وَالْإِسْرَاعَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهُ عَلَيْنَا حَتْمًا، بَلْ لَو مَشى
الانسان على هَيئته فِي السَّبع الطوافات بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَرْمُلْ فِي الْمَسِيلِ، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عِنْد جمَاعَة الْعلمَاء لَا نَعْرِف بَينهم اخْتِلَافا فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَن أهل الْعلم.
ثمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ كثير بن جهمان، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْشِي فِي الْمَسْعَى فَقُلْتُ: أَتَمْشِي فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ فَقَالَ: لَئِن سعيت فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْعَى، وَلَئِنْ مَشَيْتُ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي، وَأَنَا شيخ كَبِير.ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَقَدْ روى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس نَحْوَ هَذَا.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَن كثير بن جهمان السُّلَمِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
فَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ شَاهَدَ الْحَالَيْنِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ رَآهُ يَسْعَى فِي وَقْتٍ مَاشِيًا لَمْ يَمْزُجْهُ بِرَمَلٍ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ رَآهُ يَسْعَى فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَيَمْشِي فِي بَعْضِهِ.
وَهَذَا لَهُ قُوَّةٌ، لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيث جَابر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام: نَزَلَ مِنَ الصَّفَا فَلَمَّا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ.
وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَسْتَحِبُّهُ الْعُلَمَاءُ قاطبة، أَن السَّاعِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ - وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ - يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمُلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي فِي كُلِّ طَوْفَةٍ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ الَّذِي
بَيْنَهُمَا، وَحَدَّدُوا ذَلِكَ بِمَا بَيْنَ الْأَمْيَالِ الْخُضْرِ، فَوَاحِدٌ مُفْرَدٌ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّفَا مِمَّا يَلِي الْمَسْجِدَ، وَاثْنَانِ مُجْتَمِعَانِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَرْوَةِ مِمَّا يَلِي الْمَسْجِدَ أَيْضًا.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَا بَيْنَ هَذِهِ الْأَمْيَالِ الْيَوْمَ أَوْسَعُ مِنْ بَطْنِ الْمَسِيلِ الَّذِي رَمَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * * وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ فِي الْكِتَابِ الَّذِي جَمَعَهُ فِي حجَّة الْوَدَاع: ثمَّ خرج عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الصَّفَا فَقَرَأَ: " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِر الله " أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، فَطَافَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيْضًا سَبْعًا رَاكِبًا عَلَى بَعِيرٍ يَخُبُّ ثَلَاثًا وَيَمْشِي أَرْبَعًا.
فَإِنَّهُ لَمْ يُتَابِعْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَمْ يَتَفَوَّهْ بِهِ أحد قبله، من أَنه عَلَيْهِ السَّلَام خَبَّ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمَشَى أَرْبَعًا.
ثُمَّ مَعَ هَذَا الْغَلَطِ الْفَاحِشِ لَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهِ دَلِيلًا بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَوْضِعِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ قَالَ: وَلَمْ نَجِدْ عَدَدَ الرَّمَلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَنْصُوصًا، وَلَكِنَّهُ مُتَّفق عَلَيْهِ.
هَذَا لَفظه.
فَإِن أَرَادَ بِأَن الرمل فِي الثَّلَاث الطوفات الْأُوَلِ، عَلَى مَا ذَكَرَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ.
وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الرَّمَلَ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فِي الْجُمْلَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَلَا يُجْدِي لَهُ شَيْئًا وَلَا يُحَصِّلُ لَهُ مَقْصُودًا، فَإِنَّهُمْ كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى الرَّمَلِ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فِي بَعْضِهَا، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، كَذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ فِي الْأَرْبَعِ الْأُخَرِ أَيْضًا.
فَتَخْصِيصُ ابْنِ حَزْمٍ الثَّلَاثَ الْأُوَلَ بِاسْتِحْبَابِ الرَّمَلِ فِيهَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ إِنَّه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ رَاكِبًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ.
أَخْرَجَاهُ.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْهُ: إِنْ أَسْعَى فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُول الله يَسْعَى، وَإِنْ مَشَيْتُ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَمْشِي.
وَقَالَ جَابِرٌ: فَلَمَّا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى.
رَوَاهُ مُسلم.وَقَالَتْ حَبِيبَةُ بِنْتُ أَبِي تِجْرَاةَ: يَسْعَى يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ رَقِيَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ.
وَكَذَلِكَ عَلَى الْمَرْوَةِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَاخَ بَعِيرَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، يَعْنِي حَتَّى طَافَ، ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ رَكِبَهُ حَالَ مَا خَرَجَ إِلَى الصَّفَا.
وَهَذَا كُله مِمَّا يقتضى أَنه عَلَيْهِ السَّلَام سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَاشِيًا.
وَلَكِنْ قَالَ مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، حَدثنَا مُحَمَّد - يعْنى ابْن بكر - أخبرنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ على رَاحِلَته بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة على بعير، لِيَرَاهُ النَّاسُ وَلِيُشْرِفَ وَلِيَسْأَلُوهُ، فَإِنَّ النَّاسَ غَشَوْهُ وَلَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ بِهِ.
وَلَيْسَ فِي بَعْضِهَا: وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنِ الْفَلَّاسِ عَنْ يَحْيَى، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ يزِيد، عَن سعيد بْنِ إِسْحَاقَ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ.
فَهَذَا مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا، لِأَنَّ بَقِيَّةَ الرِّوَايَاتِ عَنْ جَابِرٍ وَغَيره تدل على أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ مَاشِيًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَقَدْ تَكُونُ رِوَايَة أَبى الزبير عَن جَابر لهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مُقْحَمَةً أَوْ مُدْرَجَةً مِمَّنْ بَعْدَ الصَّحَابِيِّ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَو أَنه عَلَيْهِ السَّلَام طَاف بَين الصَّفَا والمروة بعض الطوفان عَلَى قَدَمَيْهِ، وَشُوهِدَ مِنْهُ مَا ذُكِرَ، فَلَمَّا ازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَكَثُرُوا رَكِبَ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي قَرِيبًا.
وَقَدْ سَلَّمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ طَوَافَهُ الْأَوَّلَ بِالْبَيْتِ كَانَ مَاشِيًا، وَحَمَلَ رُكُوبَهُ فِي الطَّوَافِ عَلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ.
وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ رَاكِبًا فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَهُمَا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ تَأَوَّلَ قَوْلَ جَابِرٍ: حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَّمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ.
بِأَنَّهُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا، فَإِنَّهُ إِذَا انْصَبَّ بِعِيرُهُ فَقَدِ انْصَبَّ كُلُّهُ وَانْصَبَّتْ قَدَمَاهُ مَعَ سَائِرِ جَسَدِهِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ ذِكْرُ الرَّمَلِ يَعْنِي بِهِ رَمَلَ الدَّابَّةِ بِرَاكِبِهَا.
وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ جِدًّا.
وَاللَّهُ أعلم.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو سَلمَة مُوسَى، حَدثنَا حَمَّادٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْغَنَوِيُّ،
عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رمل بِالْبَيْتِ وَأَن ذَلِك من سنته (1) .
قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا.
فَقُلْتُ: مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا؟ قَالَ: صَدَقُوا، رَمَلَ رَسُول الله، وَكَذَبُوا لَيْسَ بِسُنَّةٍ، إِنَّ قُرَيْشًا قَالَتْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ: دَعُوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ حَتَّى يَمُوتُوا مَوْتَ النَّغَفِ (2) ، فَلَمَّا صالحوه على أَن يحجوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَيُقِيمُوا بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لاصحابه: ارملوا بِالْبَيْتِ ثَلَاثًا.
وَلَيْسَ بِسنة.
(1) ا: وَأَن ذَلِك سنة.
(2) النغف: الدُّود وَهُوَ يضْرب للمستحقن.
(*)قلت: يزْعم قَوْمك أَن رَسُول الله طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ.
قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا قُلْتُ: مَا صدقُوا وكذبوا؟ قَالَ: صَدَقُوا، قَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرٍ، وَكَذَبُوا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ، كَانَ النَّاسُ لَا يُدْفَعُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُصْرَفُونَ عَنْهُ، فَطَافَ عَلَى بَعِيرٍ لِيَسْمَعُوا كَلَامَهُ وَلِيَرَوْا مَكَانَهُ وَلَا تَنَالَهُ أَيْدِيهِمْ.
هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كَامِلٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْن عَبَّاس، فَذكر فضل الطّواف بِالْبَيْتِ كنحو مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا، أَسُنَّةٌ هُوَ؟ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ.
قَالَ: صدقُوا وكذبوا.
قلت: فَمَا قَوْلُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ يَقُولُونَ: هَذَا مُحَمَّدٌ هَذَا مُحَمَّدٌ حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْبُيُوتِ، وَكَانَ رَسُول الله لَا يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ رَكِبَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالْمَشْيُ وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ.
هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إِنَّمَا رَكِبَ فِي أَثْنَاءِ الْحَالِ.
وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * * وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ حَيْثُ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، حَدثنَا يحيى بن آدم، حَدثنَا زُهَيْرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أُرَانِي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: فَصِفْهُ لِي.
قُلْتُ: رَأَيْتُهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ عَلَى نَاقَةٍ وَقَدْ كَثُرَ النَّاسُ عَلَيْهِ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذَاكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يضْربُونَ عَنْهُ وَلَا يُكْرَهُونَ.فَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ على أَنه عَلَيْهِ السَّلَام سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا، إِذْ لَمْ يُقَيَّدْ ذَلِكَ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَا غَيْرِهَا.
وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَ الْجَائِز أَنه عَلَيْهِ السَّلَام بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ السَّعْيِ وَجُلُوسِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ وَخُطْبَتِهِ النَّاسَ وَأَمْرِهِ إِيَّاهُمْ مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْسَخَ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ، فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ.
ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ أُتِيَ بِنَاقَتِهِ فَرَكِبَهَا وَسَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِالْأَبْطَحِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا، وَحِينَئِذٍ رَآهُ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ الْبِكْرِيُّ، وَهُوَ مَعْدُود فِي صغَار الصَّحَابَة.
قُلْتُ: قَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ إِلَى أَنَّ الْقَارِنَ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ.
وَلَهُمْ أَنْ يَحْتَجُّوا بِحَدِيث جَابر الطَّوِيل، ودلالته على أَنه سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَاشِيًا، وَحَدِيثُهُ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعَى بَيْنَهُمَا رَاكِبًا عَلَى تَعْدَادِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا مَرَّةً مَاشِيًا وَمَرَّةً رَاكِبًا.
وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِعُمْرَتِهِ، ثُمَّ عَادَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
لِحَجَّتِهِ، ثُمَّ أَقَامَ حَرَامًا إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ.
هَذَا لَفْظُهُ.
وَرَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافَيْنِ وَسَعَى لَهُمَا سَعْيَيْنِ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي خَصَائِصِ عَلِيٍّ.
فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بن عُمَيْر الْحَافِظ، أَنبأَنَا أَبُو مُحَمَّد بن صاعد، حَدثنَا مُحَمَّد بن زنبور، حَدثنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَن مَالكابْن الْحَارِثِ، أَوْ مَنْصُورٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: لَقِيتُ عَلِيًّا وَقَدْ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ هُوَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَقُلْتُ: هَلْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَ كَمَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: ذَلِكَ لَوْ كُنْتَ بَدَأْتَ بِالْعُمْرَةِ.
قُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ إِذَا أَرَدْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَأْخُذُ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ فَتُفِيضُهَا عَلَيْكَ، ثُمَّ تُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا ثُمَّ تَطُوفُ لَهُمَا طَوَافَيْنِ وَتَسْعَى لَهُمَا سَعْيَيْنِ وَلَا يَحِلُّ لَكَ حَرَامٌ دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ.
قَالَ مَنْصُورٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُجَاهِدٍ قَالَ: مَا كُنَّا نبنى إِلَّا بِطَوَافٍ وَاحِدٍ، فَأَمَّا الْآنَ فَلَا نَفْعَلُ.
قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ السَّعْيَ.
قَالَ: وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا مَجْهُولٌ.
وَإِنْ صَحَّ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ طَوَافَ الْقُدُومِ وَطَوَافَ الزِّيَارَةِ.
قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ بِأَسَانِيدَ أُخَرَ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، وَمَدَارُهَا عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ وَحَفْصِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَّادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، وَكلهمْ ضَعِيف لَا يحْتَج بشئ مِمَّا رَوَوْهُ فِي ذَلِكَ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
قُلْتُ: وَالْمَنْقُولُ فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ خِلَافُ ذَلِكَ (1) .
فَقَدْ قَدَّمْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَأَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ، فَصَارَ قَارِنًا، وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
وَقَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَافَ لَهُمَا طَوافا وَاحِدًا وسعى لَهما سعيا وَاحِدًا ".
(1) ا: خِلَافه.
(*)
قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله " أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ.
فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شئ قدير.
لَا إِلَه إِلَّا الله أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ.
ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
ثُمَّ نَزَلَ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قدماه فِي الْوَادي رمل، حَتَّى إِذا صعد مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَرَقِيَ عَلَيْهَا حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ فَقَالَ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ على الصَّفَا.
وَقَالَ الامام أَحْمد: حَدثنَا عمر بن هَارُون البلخى، أَبُو حَفْص، حَدثنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ بَعْضِ بَنِي يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مُضْطَبِعًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بِبرد لَهُ نجرانى.
وَقَالَ الامام أَحْمد: حَدثنَا يُونُس، حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا عَطِيَّة، عَن حَبِيبَة بنت أَبى نجراة (1) قَالَت: دخلت دَار حُصَيْن فِي نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ: وَهُوَ يَسْعَى يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ وَهُوَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ.
" اسْعَوْا إِنَّ اللَّهَ كتب عَلَيْكُم السَّعْي ".
(1) الاصل غير منقوطة.
وَمَا أثْبته عَن هَامِش المشتبه للذهبي 1 / 112 (*)وَقَالَ أَحْمد أَيْضا: حَدثنَا شُرَيْح، حَدثنَا عبد الله بن المؤمل، حَدثنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تِجْرَاةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالنَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ وَرَاءَهُمْ، وَهُوَ يَسْعَى حَتَّى أَرَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ وَهُوَ يَقُولُ: " اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ.
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، أَنَّ امْرَأَةً أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَقُولُ: " كُتِبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيُ فَاسْعَوْا ".
وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ هِيَ حَبِيبَةُ بِنْتُ أَبِي تِجْرَاةَ الْمُصَرَّحُ بِذِكْرِهَا فِي الْإِسْنَادَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ.
وَعَنْ أُمِّ وَلَدِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، أَنَّهَا أَبْصَرَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ يَقُولُ: " لَا يُقْطَعُ الْأَبْطَحُ إِلَّا شَدًّا ".
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هَاهُنَا هُوَ الذَّهَابُ مِنَ الصَّفَا إِلَى الْمَرْوَةِ وَمِنْهَا إِلَيْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هَاهُنَا الْهَرْوَلَةَ وَالْإِسْرَاعَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهُ عَلَيْنَا حَتْمًا، بَلْ لَو مَشى
الانسان على هَيئته فِي السَّبع الطوافات بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَرْمُلْ فِي الْمَسِيلِ، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عِنْد جمَاعَة الْعلمَاء لَا نَعْرِف بَينهم اخْتِلَافا فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَن أهل الْعلم.
ثمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ كثير بن جهمان، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْشِي فِي الْمَسْعَى فَقُلْتُ: أَتَمْشِي فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ فَقَالَ: لَئِن سعيت فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْعَى، وَلَئِنْ مَشَيْتُ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي، وَأَنَا شيخ كَبِير.ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَقَدْ روى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس نَحْوَ هَذَا.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَن كثير بن جهمان السُّلَمِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
فَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ شَاهَدَ الْحَالَيْنِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ رَآهُ يَسْعَى فِي وَقْتٍ مَاشِيًا لَمْ يَمْزُجْهُ بِرَمَلٍ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ رَآهُ يَسْعَى فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَيَمْشِي فِي بَعْضِهِ.
وَهَذَا لَهُ قُوَّةٌ، لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيث جَابر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام: نَزَلَ مِنَ الصَّفَا فَلَمَّا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ.
وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَسْتَحِبُّهُ الْعُلَمَاءُ قاطبة، أَن السَّاعِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ - وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ - يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمُلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي فِي كُلِّ طَوْفَةٍ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ الَّذِي
بَيْنَهُمَا، وَحَدَّدُوا ذَلِكَ بِمَا بَيْنَ الْأَمْيَالِ الْخُضْرِ، فَوَاحِدٌ مُفْرَدٌ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّفَا مِمَّا يَلِي الْمَسْجِدَ، وَاثْنَانِ مُجْتَمِعَانِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَرْوَةِ مِمَّا يَلِي الْمَسْجِدَ أَيْضًا.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَا بَيْنَ هَذِهِ الْأَمْيَالِ الْيَوْمَ أَوْسَعُ مِنْ بَطْنِ الْمَسِيلِ الَّذِي رَمَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * * وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ فِي الْكِتَابِ الَّذِي جَمَعَهُ فِي حجَّة الْوَدَاع: ثمَّ خرج عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الصَّفَا فَقَرَأَ: " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِر الله " أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، فَطَافَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيْضًا سَبْعًا رَاكِبًا عَلَى بَعِيرٍ يَخُبُّ ثَلَاثًا وَيَمْشِي أَرْبَعًا.
فَإِنَّهُ لَمْ يُتَابِعْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَمْ يَتَفَوَّهْ بِهِ أحد قبله، من أَنه عَلَيْهِ السَّلَام خَبَّ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمَشَى أَرْبَعًا.
ثُمَّ مَعَ هَذَا الْغَلَطِ الْفَاحِشِ لَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهِ دَلِيلًا بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَوْضِعِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ قَالَ: وَلَمْ نَجِدْ عَدَدَ الرَّمَلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَنْصُوصًا، وَلَكِنَّهُ مُتَّفق عَلَيْهِ.
هَذَا لَفظه.
فَإِن أَرَادَ بِأَن الرمل فِي الثَّلَاث الطوفات الْأُوَلِ، عَلَى مَا ذَكَرَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ.
وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الرَّمَلَ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فِي الْجُمْلَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَلَا يُجْدِي لَهُ شَيْئًا وَلَا يُحَصِّلُ لَهُ مَقْصُودًا، فَإِنَّهُمْ كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى الرَّمَلِ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فِي بَعْضِهَا، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، كَذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ فِي الْأَرْبَعِ الْأُخَرِ أَيْضًا.
فَتَخْصِيصُ ابْنِ حَزْمٍ الثَّلَاثَ الْأُوَلَ بِاسْتِحْبَابِ الرَّمَلِ فِيهَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ إِنَّه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ رَاكِبًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ.
أَخْرَجَاهُ.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْهُ: إِنْ أَسْعَى فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُول الله يَسْعَى، وَإِنْ مَشَيْتُ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَمْشِي.
وَقَالَ جَابِرٌ: فَلَمَّا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى.
رَوَاهُ مُسلم.وَقَالَتْ حَبِيبَةُ بِنْتُ أَبِي تِجْرَاةَ: يَسْعَى يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ رَقِيَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ.
وَكَذَلِكَ عَلَى الْمَرْوَةِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَاخَ بَعِيرَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، يَعْنِي حَتَّى طَافَ، ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ رَكِبَهُ حَالَ مَا خَرَجَ إِلَى الصَّفَا.
وَهَذَا كُله مِمَّا يقتضى أَنه عَلَيْهِ السَّلَام سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَاشِيًا.
وَلَكِنْ قَالَ مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، حَدثنَا مُحَمَّد - يعْنى ابْن بكر - أخبرنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ على رَاحِلَته بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة على بعير، لِيَرَاهُ النَّاسُ وَلِيُشْرِفَ وَلِيَسْأَلُوهُ، فَإِنَّ النَّاسَ غَشَوْهُ وَلَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ بِهِ.
وَلَيْسَ فِي بَعْضِهَا: وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنِ الْفَلَّاسِ عَنْ يَحْيَى، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ يزِيد، عَن سعيد بْنِ إِسْحَاقَ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ.
فَهَذَا مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا، لِأَنَّ بَقِيَّةَ الرِّوَايَاتِ عَنْ جَابِرٍ وَغَيره تدل على أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ مَاشِيًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَقَدْ تَكُونُ رِوَايَة أَبى الزبير عَن جَابر لهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مُقْحَمَةً أَوْ مُدْرَجَةً مِمَّنْ بَعْدَ الصَّحَابِيِّ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَو أَنه عَلَيْهِ السَّلَام طَاف بَين الصَّفَا والمروة بعض الطوفان عَلَى قَدَمَيْهِ، وَشُوهِدَ مِنْهُ مَا ذُكِرَ، فَلَمَّا ازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَكَثُرُوا رَكِبَ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي قَرِيبًا.
وَقَدْ سَلَّمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ طَوَافَهُ الْأَوَّلَ بِالْبَيْتِ كَانَ مَاشِيًا، وَحَمَلَ رُكُوبَهُ فِي الطَّوَافِ عَلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ.
وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ رَاكِبًا فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَهُمَا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ تَأَوَّلَ قَوْلَ جَابِرٍ: حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَّمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ.
بِأَنَّهُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا، فَإِنَّهُ إِذَا انْصَبَّ بِعِيرُهُ فَقَدِ انْصَبَّ كُلُّهُ وَانْصَبَّتْ قَدَمَاهُ مَعَ سَائِرِ جَسَدِهِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ ذِكْرُ الرَّمَلِ يَعْنِي بِهِ رَمَلَ الدَّابَّةِ بِرَاكِبِهَا.
وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ جِدًّا.
وَاللَّهُ أعلم.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو سَلمَة مُوسَى، حَدثنَا حَمَّادٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْغَنَوِيُّ،
عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رمل بِالْبَيْتِ وَأَن ذَلِك من سنته (1) .
قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا.
فَقُلْتُ: مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا؟ قَالَ: صَدَقُوا، رَمَلَ رَسُول الله، وَكَذَبُوا لَيْسَ بِسُنَّةٍ، إِنَّ قُرَيْشًا قَالَتْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ: دَعُوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ حَتَّى يَمُوتُوا مَوْتَ النَّغَفِ (2) ، فَلَمَّا صالحوه على أَن يحجوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَيُقِيمُوا بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لاصحابه: ارملوا بِالْبَيْتِ ثَلَاثًا.
وَلَيْسَ بِسنة.
(1) ا: وَأَن ذَلِك سنة.
(2) النغف: الدُّود وَهُوَ يضْرب للمستحقن.
(*)قلت: يزْعم قَوْمك أَن رَسُول الله طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ.
قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا قُلْتُ: مَا صدقُوا وكذبوا؟ قَالَ: صَدَقُوا، قَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرٍ، وَكَذَبُوا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ، كَانَ النَّاسُ لَا يُدْفَعُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُصْرَفُونَ عَنْهُ، فَطَافَ عَلَى بَعِيرٍ لِيَسْمَعُوا كَلَامَهُ وَلِيَرَوْا مَكَانَهُ وَلَا تَنَالَهُ أَيْدِيهِمْ.
هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كَامِلٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْن عَبَّاس، فَذكر فضل الطّواف بِالْبَيْتِ كنحو مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا، أَسُنَّةٌ هُوَ؟ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ.
قَالَ: صدقُوا وكذبوا.
قلت: فَمَا قَوْلُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ يَقُولُونَ: هَذَا مُحَمَّدٌ هَذَا مُحَمَّدٌ حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْبُيُوتِ، وَكَانَ رَسُول الله لَا يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ رَكِبَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالْمَشْيُ وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ.
هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إِنَّمَا رَكِبَ فِي أَثْنَاءِ الْحَالِ.
وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * * وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ حَيْثُ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، حَدثنَا يحيى بن آدم، حَدثنَا زُهَيْرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أُرَانِي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: فَصِفْهُ لِي.
قُلْتُ: رَأَيْتُهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ عَلَى نَاقَةٍ وَقَدْ كَثُرَ النَّاسُ عَلَيْهِ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذَاكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يضْربُونَ عَنْهُ وَلَا يُكْرَهُونَ.فَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ على أَنه عَلَيْهِ السَّلَام سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا، إِذْ لَمْ يُقَيَّدْ ذَلِكَ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَا غَيْرِهَا.
وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَ الْجَائِز أَنه عَلَيْهِ السَّلَام بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ السَّعْيِ وَجُلُوسِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ وَخُطْبَتِهِ النَّاسَ وَأَمْرِهِ إِيَّاهُمْ مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْسَخَ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ، فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ.
ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ أُتِيَ بِنَاقَتِهِ فَرَكِبَهَا وَسَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِالْأَبْطَحِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا، وَحِينَئِذٍ رَآهُ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ الْبِكْرِيُّ، وَهُوَ مَعْدُود فِي صغَار الصَّحَابَة.
قُلْتُ: قَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ إِلَى أَنَّ الْقَارِنَ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ.
وَلَهُمْ أَنْ يَحْتَجُّوا بِحَدِيث جَابر الطَّوِيل، ودلالته على أَنه سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَاشِيًا، وَحَدِيثُهُ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعَى بَيْنَهُمَا رَاكِبًا عَلَى تَعْدَادِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا مَرَّةً مَاشِيًا وَمَرَّةً رَاكِبًا.
وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِعُمْرَتِهِ، ثُمَّ عَادَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
لِحَجَّتِهِ، ثُمَّ أَقَامَ حَرَامًا إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ.
هَذَا لَفْظُهُ.
وَرَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافَيْنِ وَسَعَى لَهُمَا سَعْيَيْنِ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي خَصَائِصِ عَلِيٍّ.
فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بن عُمَيْر الْحَافِظ، أَنبأَنَا أَبُو مُحَمَّد بن صاعد، حَدثنَا مُحَمَّد بن زنبور، حَدثنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَن مَالكابْن الْحَارِثِ، أَوْ مَنْصُورٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: لَقِيتُ عَلِيًّا وَقَدْ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ هُوَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَقُلْتُ: هَلْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَ كَمَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: ذَلِكَ لَوْ كُنْتَ بَدَأْتَ بِالْعُمْرَةِ.
قُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ إِذَا أَرَدْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَأْخُذُ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ فَتُفِيضُهَا عَلَيْكَ، ثُمَّ تُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا ثُمَّ تَطُوفُ لَهُمَا طَوَافَيْنِ وَتَسْعَى لَهُمَا سَعْيَيْنِ وَلَا يَحِلُّ لَكَ حَرَامٌ دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ.
قَالَ مَنْصُورٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُجَاهِدٍ قَالَ: مَا كُنَّا نبنى إِلَّا بِطَوَافٍ وَاحِدٍ، فَأَمَّا الْآنَ فَلَا نَفْعَلُ.
قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ السَّعْيَ.
قَالَ: وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا مَجْهُولٌ.
وَإِنْ صَحَّ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ طَوَافَ الْقُدُومِ وَطَوَافَ الزِّيَارَةِ.
قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ بِأَسَانِيدَ أُخَرَ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، وَمَدَارُهَا عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ وَحَفْصِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَّادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، وَكلهمْ ضَعِيف لَا يحْتَج بشئ مِمَّا رَوَوْهُ فِي ذَلِكَ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
قُلْتُ: وَالْمَنْقُولُ فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ خِلَافُ ذَلِكَ (1) .
فَقَدْ قَدَّمْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَأَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ، فَصَارَ قَارِنًا، وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
وَقَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَافَ لَهُمَا طَوافا وَاحِدًا وسعى لَهما سعيا وَاحِدًا ".
(1) ا: خِلَافه.
(*)
مواضيع مماثلة
» تابع ذكر طوافه عليه السلام بين الصفا والمروة
» أحاديث عن النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم
» أين ذهب بلال بعد وفاة الرسول صل الله عليه وسلم ؟
» لماذا يضع الرسول صلى الله عليه وسلم يده تحت خده عند النوم؟
» اعجاز انشقاق القمر امنت بالذى انزل القران على عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
» أحاديث عن النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم
» أين ذهب بلال بعد وفاة الرسول صل الله عليه وسلم ؟
» لماذا يضع الرسول صلى الله عليه وسلم يده تحت خده عند النوم؟
» اعجاز انشقاق القمر امنت بالذى انزل القران على عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يونيو 27, 2013 8:37 pm من طرف ابو بلال
» غذاء الملكات
الخميس يونيو 27, 2013 8:34 pm من طرف ابو بلال
» أمراض يعالجها العسل
الخميس يونيو 27, 2013 8:28 pm من طرف ابو بلال
» فوائد عسل النحل
الخميس يونيو 27, 2013 8:27 pm من طرف ابو بلال
» تركيب العسل
الخميس يونيو 27, 2013 8:25 pm من طرف ابو بلال
» مواصفات العسل الطبيعي :
السبت أبريل 27, 2013 8:00 pm من طرف ابو بلال
» العشرة المبشرون بالجنة
السبت أبريل 27, 2013 7:38 pm من طرف ابو بلال
» حقوق المرأة في الإسلام
الثلاثاء أبريل 23, 2013 8:21 am من طرف lolita lola
» حتى الكدب يرفضه النمل سبحان من خلق وسوى وابدع
الأحد أبريل 21, 2013 9:41 am من طرف lolita lola